الجمعة، 16 ديسمبر 2011

عرس الجيران


بقلم: عبدالعزيز بن حارب المهيري

وضعتُ المخدة على أذني دون فائدة؟ الأصوات الصاخبة التي أسمعها أطارت النوم من عيني، تمنيتُ لحظتها لو كان عندي مكيف بيتنا القديم الوندوز، وقتها لم يكن اسمه مكيفا، كان يطلق عليه (كنديشن) لو كان موجودا لتكفّل بحل المأساة التي أعاني منها الآن، فهذا النوع من المكيفات –خاصة إذا كان من نوع اوجنرال- لم يكن يحجب الأصوات الخارجية فحسب، بل كان ينقلك إلى عالم آخر، يعني عادي جدا إذا نسيت أن توصي أحدا بإيقاظك فقد تستيقظ وتكتشف أن ابنك الذي كان في الروضة رُزق بحفيدك الثاني!!

فتحت نافذة الغرفة.. يبدو أن جيراننا يحتفلون بعرس (مبروك يستاهلون) نظرت لأتأكد من أن الفرقة الموسيقية غير موجودة في فناء بيتي، ومع هذا فالأصوات تُدوّي في كل مكان، ولكن ما ذنبي أنا أتعذب إلى ما بعد منتصف الليل؟ آلات العزف وأصوات الايقاعات ترجّ بيتي رجّا، هل سأضطر في كل مرة يقام فيها عرس في الفريج للقيام بصيانة التشققات في جدران بيتي؟ أظن والله أعلم لو استخدمت هذه السماعات في الحروب حتما ستُحدث نقلة نوعية في تاريخ البشرية.

المشكلة في حفلات الأعراس أن معرض الطيران أسبوع واحد وينقضي، وتستطيع أن تتكيّف معه، بينما أعراس الجيران طوال العام، ولا تعرف متى ومن أي جهة تأتي، أرجو أن لا يفهم من كلامي أني لا أريد للناس أن يفرحوا، حاشا لله.. العرس فرحة ولابد من إظهارها، لكن الذي آلم قلبي بالفعل هو أنهم لم يفكروا حتى بإرسال صحن عيش ولحم!! (وبيني وبينكم.. وبصراحة.. أنا وايد أحب العيش واللحم مال المعاريس، خاصة إذا كان من مطبخ لطيفة  الشعبي، ما شاء الله انتوا بعد يعيبكم؟ الله يسامحكم شهّيتوني.. أنا أحينه خاطري في العيش واللحم.. مالي خص.. الحين الحين الحين!!)

عمّي يا بيّاع الورِدْ.. عمّي يا بيّاع الورِدْ.. قِلِّي الورد زييييين قِلِّي.. هي الأغنية الوحيدة التي عرفتها من بين ما سمعت، كانت أغاني الفرقة من كل بقاع الدنيا، عربي على ايراني على عراقي على لبناني، أكاد أجزم أن اسم الفرقة "ما يطلبه المعازيم" ولو كنت موجودا هناك لطلبت منهم أن يغنوا (عَلِّ علِّ بطل فليد.. هيا طِرْ يا جريندايزر) إلا بالمناسبة لدي فضول في التعرف على الشخص الذي اكتشف مطرب الفرقة، يبدو أن لديه مهارات عالية في الإقناع والتأثير، وإلا بربّكم قولوا لي كيف يغني مثل هؤلاء؟ يبدو أنهم يستهلكون أوراق سنفرة كثيرة حتى يحافظوا على نشاز أصواتهم، ألا يعلم هؤلاء المطربون بأن تلويث البيئة عمدا فعل يعاقب عليه القانون.

باءت كل محاولاتي بالفشل، النوم يرفض أن يزورني ولو لدقائق معدودة، كم هو صعب النوم على أغاني صاخبة، الأغنية الوحيدة التي يمكن أن أنام عليها هي twinkle twinkle little star  وللأسف لا أحد في الأعراس يحب سماع هذه الأغنية، ظنّا منهم أنها أغنية خاصة بالأطفال، كيف التصرف الآن؟ خرجت إلى الصالة لا أنوي على شيء، تفاجأت بأن جميع أفراد العائلة مجتمعون، يعانون ما أعاني، يجلسون في وجوم ولا أحد يتحدث مع الآخر، ويبدو أن السهر أحدث عطبا في دماغ ولدي فصرخ قائلا: أنا تعبان أبا أرقد وين السحور؟!! بصوت واحد طلبوا مني أن أتصل بالشرطة .. ألو العمليات؟ أهلا أستاذ عبدالعزيز الدورية في طريقها إليكم. عفوا ولكني لم أقل لكم ما هي شكواي؟ كيف عرفتم بأني سأشتكي على جيراني؟ فردوا عليّ (ليش انته عندك شكوى غيرها؟ ولو سمحت لا تتصل مرة ثانية لأن الدورية جايه جايه اصبروا شوي) الشرطة مشكورة تحاول قدر استطاعتها إرضاء الجميع، فهم لا يريدون أن ينزعج الناس، وفي نفس الوقت يرون أن من حق الآخرين أن يفرحوا في أعراسهم، لا مانع فليفرحوا.. لكن ألا يوجد ساعة معينة يجب أن يتوقفوا عندها؟ ألا يوجد قانون يحدّ من هذا لإزعاج؟ ألا يعرف جيراني أن بإمكانهم امتصاص غضب الجيران بصحن هريس أو لقيمات على الأقل!! (ما يستوي يأذونّا وما يعشونّا).

أعلنت التحدي.. هم من بدأ الحرب فلينتظروا نتائجها (بايعنّها بايعنّها.. واللي فيها فيها) ماذا؟ أفركش العرس وأقلبه رأسا على عقب؟ لا طبعا.. أنا قصدي سأحاول النوم مرة ثانية، وشعاري في المرحلة القادمة:

سأنام يعني سأنام

رغما عن أنف الجيران

(لأنّه بكل بساطة أنا باجر عندي دوام)
عُدتُ إلى فراشي، أطرقت إلى سقف الغرفة وأنا أُشجّع نفسي بالقول: سأنام يعني سأنام، مازالوا يعزفون.. لا مشكلة، سأنام يعني سأنام، أعلنت التحدي ولن أتراجع، ولكن كيف سأنام على (يانا الهوى يانا، يانا من زنجبار..) يا للهول!! إيقاع هذه الأغنية ترقص عليه الجنّ، حتى لو جاء الهوى من هنولولو سأنام يعني سأنام، استمر العزف والدقّ لنصف ساعة أخرى، وأنا مطرق عيني، شيئا فشيئا بدأ عقلي يُكيّف نفسه مع ضربات الإيقاع، وبدأ النعاس يغشّيني بعباءته حالكة السواد (يا عيني على البلاغة) أخيرا تكرار الإيقاع الرتيب سيجلب لي النوم، هسسسس أرجو الهدوء النعاس يغازل جفنيّ، لماذا لم يعزفوا هذا الإيقاع منذ البداية حتى أنام عليه؟! أنا الآآآآن أحدثـــ..كم وأناااا ناااائــــ....م، ربما لن أستطيع أن أكمل معكم المقال فقد غلبني النوم تصبحون على ... ( لاااااااا ...  ليش وقفتوا الدق الله يسامحكم!!)





هناك 9 تعليقات:

  1. أحلى نومه والله..على صوت"ألكنديشن" ... ذكريااات..يا ريت يصنعون مكيف متحرك بنفس مواصفات ألكنديشن وخاصة صوته.. والله وحشني.. :'(

    ردحذف
  2. غرفة نومي فيها كنديشنين ، مهمتن الاولى كتم صوت ازعاج الدراجات

    ردحذف
  3. هههههههه اسلوبك بصراحه ابداااع تعجبني مقالاتك


    بس حرام عقب هالازعاج حتى عشا ماعشوك

    ردحذف
  4. قواهم الله,, المثل يقول "الحشره مع الناس عيد" الله يرحم زمان إندور العرس دواره فى الفريج عشان ملة الهريس من عند العيايز بالدسه!!! والا صينية عيش ولحم "حار حار" ويا حشوه"سلامى عليه" والحين العرس رسميات وبطاقات دخول وعافنا الله بالكاد تحصل حد من المعازيم يضحك او يبتسم!!! طول عمر واشبع طماشه,, تحيات خويك الجديم بوعبيد؟؟

    ردحذف
  5. بعد معاناتك ذاك اليوم الصراحه ابدعت هههه

    ردحذف
  6. أعجبني المقال جداً ،،

    ففيه من السخرية الاجتماعية الشيء الكثير ،،

    أشكر لك تعبيرك الجميل : )

    ردحذف
  7. و الله شي جميل لو كان في قرار بعد 12 بالليل ما يكون فيه اغاني بصوت عالي ، على الاقل الواحد يعرف انه في امل ان تتوقف الاغاني و ان يبرمج نفسه مثل ان يذهب لبيت والده الى 11 ونص و على ما يوصل البيت يكون خلصوا
    و خصوصا يا جماعة الي عنده اطفال ، و لا بالذات في ناس هم و اطفالهم بعد صلاة العشاء بساعة بالكثير تلاقيهم نايمين ، و الله جميل لو تم تحديد مثل هذا القرار من البلدية او من اي جهة مسؤولة و شكرا

    ردحذف
  8. حمدلله انه نحن مب يرانكم :))
    مفروض بعد المقال يرانكم يتحاشون إزعاجكم عسب ما ترقعهم بمقال اخر ،اضحك الله سنك و انت بطل بطل ومقالك على طوله قريته كله و عجبني

    ردحذف
  9. انا ع بالي النهاية انه فبيتكم العرس ههههههههه
    يعجبني إلوبك فالكتاااابة
    نوووووم الهنااااا

    ردحذف